ســـؤال:
من أحد الإخوة في المملكة العربية السعودية عن طبيعة عمل الحكمين بين الزوجين.
الجــــواب:
الأصل في الحكمين أن يرسلا برضى الزوجين، وتوكيلهما لأن ذلك من حقهما ولا يجبران عليه، وذلك لأن البضع حق للزوج والمال حق للمرأة، وهما رشيدان فلم يجز لغيرهما التصرف فلا يملكان التفريق إلا بإذنهما وهذه رواية عن الإمام أحمد، وهو المشهور عند الأصحاب، وبه قال الحنفية، وقول للشافعي.
أما الرواية الثانية عند الإمام أحمد، وبه قال الإمام مالك، ورواية عن الإمام الشافعي: للحكمين أن يفعلا ما يريانه من جمع أو تفريق بعوض أو غير عوض وبدون رضى الزوجين وذلك لتسميتها حكمين إستدلالاً بظاهر قول الله تعالى: {...فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا...} [النساء:35]، وقوله تعالى: {...فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ...} [البقرة:229]، واستدلالاً بما روي أن رجلاً وامرأة أتيا علياً رضي الله عنه مع كل واحد منهما جمع من الناس فقال علي رضي الله عنه: أبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، فبعثوا حكمين ثم قال علي رضي الله عنه للحكمين: هل تدريان ما عليكما من الحق، عليكما من الحق إن رأيتما أن تجمعا جمعتاً وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعلي، فقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي رضي الله عنه: كذبت حتى ترضى بما رضيت به، واستدلالاً أيضاً بقصة عقيل بن أبي طالب وزوجته فاطمة بنت عتبة فقد تخاصما فجاءت فاطمة إلى عثمان رضي الله عنه فبعث حكماً من أهله عبد الله بن عباس وحكماً من أهلها معاوية بن أبي سفيان فقال ابن عباس: لأفرقنَّ بينهما، وقد أخذ بالرواية الثانية عن الإمام أحمد شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم.
والأصل أن الحكمين يستمدان سلطتهما من حاكم القضية بحسبه يملك التفريق بين الزوجين فما يفعلانه يعد نيابة عنه.
قلت: فيجوز للحكمين إذاً أن يختارا ما يعتقدان فيه الخير والصلاح للزوجين من حيث التفريق أو عدمه، ذلك أن سماع أقوالهما وكونهما من أهلهما، ومعرفتهما لإمكانية التعايش أو عدمه بعد سماع رأي الحكمين فالأمر عائد له. والله تعالى أعلم.
الكاتب: د. عبد الرحمن بن حسن النفيسة.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.